ان الحمد لله ، نحمده و نستعينه ، و نستغفره ، و نعوذ بالله
من شرور انفسنا و من سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له
و أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمداً عبده و رسوله
سَأل باستغربٍ: أَتبكي السَّماءُ والأرضُ؟
فجاءَه الجَواب: "وما للأرضِ لا تبكي على عبدٍ كان يعمرها بالركوعِ والسجودِ؟".
وما للسماءِ لا تبكي على عبدٍ كان دَمعُه يَسبقُ دعاءَه ساعةَ القنوت؟
نَعَم تبكي السماءُ كما تَبكي الأرض على الراحلينَ من الصالحينَ والصالحاتِ..
تبكي على أرواحٍ طَاهرةٍ فاضَت وعَلَتْ..!
قال ابن عباس - رضي الله عنهما - عندما سئل عن قوله تعالى: {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاء وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ}: "إنَّه ليسَ أحد من الخلائقِ إلا ولَه بابٌ في السَّماءِ منه يَنزل رزقه وفيه يَصعد عَمله ، فإذا ماتَ المؤمنُ فأغلِقَ بابَه من السَّماءِ الذي يَصعد فيه عمله ويَنزل منه رِزقه فَفَقده بَكى عليه..."*.
وقيل: إذا مَات المؤمن وفَقَدَه مصلاهُ من الأرضِ التي كانَ يُصلي فيها ويَذكر الله
- عزّ وجل - فيها بَكَت عليهِ!
أيُّ وفاءٍ هذا؟!
تَبكي الأرض لموضعِ سَجدةٍ، وتَذرفُ السماء دموعَها لكلمةِ خيرٍ صَعدَت إليها بِنيَّةٍ خَالِصة، في حين قد تَشُح مآقي الخَلقَ لحظةَ الفَقدِ بدمعةٍ!
وأي حبّ هذا؟!
يَنسكبُ الدمعُ وينسابُ مِن جَمادٍ على قَلبِ عَبدٍ مُؤمن غََمرهُ بنقائِهِ ساعةَ خُلوة!
وأي روح تلك...؟!
تلكَ التي تسكن الأشياء من حولنا ونحن نظنّها خُلِقَت بلا روح!
حبّ و وفاءٌ.. ونِداء هزّ الأرجاء:
يا أرض ربّي.. عَلمينا كيف تُرعَى العُهود؟!
ويا سماء ربي.. أَخبرينا كيف تصدقُ الدَّمعَةُ ويُنبَذ الجُحود؟!
ــــــــــــــــــــــــــــــ
* [المصباح المنير في تهذيب تفسير ابن كثير - للمباركفوري].