خلونا ندخل في الموضوع على طول
و نبدأ بسؤال مباشر ,
مش حلزوني و لا لولبي :
لو انت بتعمل حاجات غلط , و شفت حد تاني بيعملها ,
هتأمره بالمعروف و تنهاه عن المنكر و تنصحه بالابتعاد عنها ؟؟
و لا هتقول :
" يا عم , اسكت , ما حدش عارف حاجة ,
كل واحد فيه اللي مكفيه
و أنا عندي مصايب و ذنوب كتير
و ربنا بيقول :
{ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ }[البقرة : 44]
لما أبقى أبطل ذنوب أبقى أقول للناس هم كمان يبطلوا "
!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!
طبعا منطق مقنع , لأن زي ما عمنا الشاعر بيقول :
و غير تقيٍ يأمر الناس بالتُقى *** طبيبٌ يداوي و الطبيبُ مريضُ
لكنه للأسف منطق ( غير صحيحح ) !!
لأنه " لو اشترط أحدٌ الخُلُوَّ من الذنوب للدعوة إلى الله, لما دعا إلى الله غير الانبياء المعصومين ,
لأن العدالة ليست شرطا في الآمر الناهي وإذا اشترطناها لم يأمر أحد بشيء،
إذ (( كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون ))" [الشيخ سعيد عبد العظيم]
[ الراوي: أنس بن مالك - المحدث: الألباني -
المصدر: صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 3447
خلاصة حكم المحدث: حسن ]
و كما نقل النووي في شرح صحيح مسلم :
" ولا يُشترط في الآمر والناهي أن يكون كامل الحال ممتثلا ما يأمر به مجتنبا ما ينهى عنه ،
بل عليه الأمر وإن كان مُخِلاً بما يأمر به ، والنهي وإن كان متلبسا بما ينهى عنه ;
فإنه يجب عليه شيئان :
أن يأمر نفسه وينهاها ، ويأمر غيره وينهاه ،
فإذا أخل بأحدهما , كيف يباح له الإخلال بالآخر ؟ "
و نقل الحافظ ابن حجر في فتح الباري عن بعض أهل العلم قوله :
" يجب الأمر بالمعروف لمن قدر عليه ولم يخف على نفسه منه ضرراً
ولو كان الآمر متلبساً بالمعصية ؛
لأنه في الجملة يؤجر على الأمر بالمعروف ، ولا سيما إن كان مطاعاً ،
وأما إثمه الخاص به فقد يغفره الله تعالى له ، وقد يؤاخذه به "
يعني اللي بيعمل المنكر و بينهى عنه .... بيعمل ذنب واحد :
و هو ارتكاب المنكر
أما اللي يعمل المنكر و لا ينهى عنه ...... بيعمل ذنبين :
الذنب بتاع ارتكاب المنكر
و الذنب بتاع التفريط في النهي عن المنكر
يعني زي ما بنقول بالبلدي كده :
نص العمى و لا العمى كله ,
نص العمى إنك : ( تعمل ذنوب و لا تترك الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر )
و العمى كله إنك : ( تعمل ذنوب , و تترك الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر كمان )
- ممممممم , أمّال ليه ربنا بيقول :
{ أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ } [البقرة : 44]
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
يقول صاحب تفسير السعدي في هذه آية :
" ليس في الآية أن الإنسان إذا لم يقم بما أمر به أنه يترك الأمر بالمعروف, والنهي عن المنكر,
لأنها دلت على التوبيخ بالنسبة إلى الواجِبَيْنِ،
وإلا فمن المعلوم أن على الإنسان واجبين : أمرُ غَيْرِهِ ونَهْيِهِ , وأمر نفسه ونهيها،
فترك أحدهما, لا يكون رخصة في ترك الآخر،
فإن الكمال أن يقوم الإنسان بالواجبين, والنقص الكامل أن يتركهما،
وأما قيامه بأحدهما دون الآخر, فليس في رتبة الأول, وهو دون الأخير "
و يقول ابن كثير - بتصرف - في تفسير الآية :
" فَكُلٌّ من الأمر بالمعروف و فعله واجب ،
لا يسقط أحدهما بترك الآخر على أصح قولي العلماء من السلف والخلف.
والصحيح أن العالم يأمر بالمعروف ، وإن لم يفعله، وينهى عن المنكر وإن ارتكبه،
قال مالك عن ربيعة: سمعت سعيد بن جبير يقول له :
لو كان المرء لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر حتى لا يكون فيه شيء ,
ما أمر أحد بمعروف ولا نهى عن منكر.
وقال مالك : وصدق , من ذا الذي ليس فيه شيء ؟ "
- ماشي , بس برضه ما فهمتش قوي ,
أمال ليه ربنا في الآية السابقة ذم الناس اللي بيأمروا بالمعروف و ينسون أنفسهم ؟؟
يعني إزاي يذمهم ؟؟
و إزاي المفروض إنهم يأمروا و ينهوا حتى لو بيقعوا في المخالفة ؟؟
ابن كثير بيقول أيضا في تفسير الآية :
" ليس المراد ذمهم على أمرهم بالبر مع تركهم له ، بل على تركهم له -يعني البر-،
فإن الأمر بالمعروف معروف -يعني حاجة كويسة- وهو واجب على العالم،
ولكن الأولى بالعالم أن يفعله مع أمرهم به ، ولا يتخلف عنهم "
يعني ربنا في الآية فعلا ذمهم
لكن لم يذمهم على عدم موافقة أقوالهم أفعالهم
لكن ذمهم على تركهم فعل الخير فقط .
مش زي ما كتير مننا فاهم إن الواحد لو بيعمل معصية و بينهى عنها الناس
يبقى ذنبه أكبر من لو عمل المعصية و لم ينه أحداً عنها
ده فهم غلط
لكن طبعا الأَوْلى إن اللي بيأمر بالمعروف يكون بيعمل بيه
و إللي بينهى عن المنكر يكون بيجتنبه ,
- برضو مش داخلة دماغي قوي !!
يعني يا عم الشيخ , أبقى بشرب سيجارة مثلا ,
و واحد جنبي بيشرب زيي
أروح واخد نفس و نافخ في وشه , و أقول له :
على فكرة , السجاير حرام , لازم تبطلها !!
و بعدين انت ناسي حديث رسول الله :
(( يُجاء بالرجل يوم القيامة فيُلقى في النار ، فتندلق أقتابه في النار ،
فيدور كما يدور الحمار برحاه ،
فيجتمع أهل النار عليه فيقولون :
أي فلانا ما شأنك ؟
أليس كنت تأمرننا بالمعروف وتنهانا عن المنكر ؟
قال : كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه ، وأنهاكم عن المنكر وآتيه .))
[ الراوي: أسامة بن زيد - المحدث: البخاري -
المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 3267
خلاصة حكم المحدث: صحيح ]
اجمع لي بين الاثنين بقى ! ؟
- بص يا سيدي ,
المسألة سهلة إن شاء الله و هي :
إن الواحد مفروض يأمر بالمعروف حتى لو مش بيعمله
و ينهى عن المنكر حتى لو بيعمله
زي ما قلنا في الكلام السابق
أما أحاديث الوعيد كما في الحديث السابق فهي إما :
1- لمن كان يخالف قوله فعله بشرط :
أن يكون ممن يصر على المعصية و مش عاوز يتوب منها و لا حتى بيحاول ,
زي الباشا بتاع السجاير اللي انت بتقول عليه ده ,
أو منافق ,
زي علماء اليهود و النصارى اللي بيحرموا على الناس حاجات ,
و في نفس الوقت هم بيعملوها
أو
2 - الوعيد فيها ليس لأن قوله خالف فعله ,
لكن تلك العقوبة على الذنب نفسه الذي كان يرتكبه ,
أو الأمر الذي كان يتركه ,
و تذكيره بأنه كان يأمر الناس بالمعروف و ينهاهم عن المنكر هو من باب تأنيبه و إقامة الحجة عليه ,
يعني : العذاب ده جزاء ليك على فعلك المنكر الفلاني أو تركك الفرض الفلاني
و ما تقولش معلش ما كنتش عارف ,
لا, انت كنت عارف الصح من الغلط لدرجة إنك كنت بتأمر بيه الناس ,
مدونة تظبي
و تنبيه أخير علشان ماحدش يفهمني غلط
ما حدش قال إن الذنوب حلال
و لا إن المجاهرة بالمعصية حلال
الكلام كله على إن :
الوقوع في الذنوب لا يعفي صاحبها من الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر
و اللي بيعمل الذنب لغلبة الشهوة و النفس ,
و من غير إصرار و لا مجاهرة و افتخار و لا نفاق
و في نفس الوقت بيأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر
أفضل ممن يفعل الذنب و لا يأمر بالمعروف و لا ينهى عن المنكر
و لأن أصلا مافيش إنسان معصوم من الذنب ,
فلو كل واحد استنى إنه ما يعملش ذنوب خالص علشان ينصح الناس ,
يبقى عمره ما هينصح حد , لأن عمره ما هيخلو من الذنوب ,
كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" لا يقولن أحدكم لا أدعو حتى يكتمل إيمانى ,
فإنه بين أمرين: إما أن يموت ولم يكتمل إيمانه بعد ,
وإما أن يأتى يوم ويقول قد اكتمل إيمانى ... فليعلم أنه قد ضل !! "
يا رب تكون وجهة نظري وصلت
و بالله عليكم لا تنسوا كاتب الموضوع من الدعاء بأن :
يعذه الله من الهم و الحزن و العجز و الكسل
في أمان الله
|