بسم الله الرحمن الرحيم
قﺎﻝ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺍﺑﻦ ﺭﺟﺐ - ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ -: ﻭﺍﻟﺼﺪﺍﻉ ﻣﻦ ﻋﻼﻣﺎﺕ ﺃﻫﻞ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻭﺍﻟﺠﻨﺔ
ﺩﺧﻞ ﺃﻋﺮﺍﺑﻲ ﻋﻠﻰ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ، ﻓﻘﺎﻝ ﻟﻪ: ﻳﺎ ﺃﻋﺮﺍﺑﻲ، ﻫﻞ ﺃﺧﺬﻙ ﺍﻟﺼﺪﺍﻉ؟
ﻓﻘﺎﻝ: ﻭﻣﺎ ﺍﻟﺼﺪﺍﻉ.
ﻗﺎﻝ: ﻋﺮﻭﻕ ﺗﻀﺮﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻓﻲ ﺭﺃﺳﻪ.
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻷﻋﺮﺍﺑﻲ: ﻣﺎ ﻭﺟﺪﺕ ﻫﺬﺍ.
ﻓﻠﻤﺎ ﻭﻟﻰ ﺍﻷﻋﺮﺍﺑﻲ، ﻗﺎﻝ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ: ﻣﻦ ﺃﺣﺐ ﺃﻥ ﻳﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺭﺟﻞ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻓﻠﻴﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﻫﺬﺍ.
[ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺣﻤﺪ "ﻟﻄﺎﺋﻒ ﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻑ" ﺻـ(162)، ﻭﺃﺧﺮﺟﻪ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻓﻲ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﻤﻔﺮﺩ، ﻭﺻﺤﺤﻪ ﺍﻷﻟﺒﺎﻧﻲ].
اﻟﺴــﺆﺍﻝ
ﻧﺴﺘﻔﺴﺮ ﻣﻦ ﻓﻀﻴﻠﺘﻜﻢ ﺻﺤﺔ ﻭﺷﺮﺡ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ : ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﺭﺿﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻨﻪ ﻗﺎﻝ: ﺟﺎﺀ ﺃﻋﺮﺍﺑﻲ، ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ: ﻫﻞ ﺃﺧﺬﺗﻚ ﺃﻡ ﻣﻠﺪﻡ؟ ﻗﺎﻝ: ﻭﻣﺎ ﺃﻡ ﻣﻠﺪﻡ؟ ﻗﺎﻝ: ﺣﺮ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺠﻠﺪ ﻭﺍﻟﻠﺤﻢ ﻗﺎﻝ: ﻻ. ﻗﺎﻝ: ﻓﻬﻞ ﺻﺪﻋﺖ؟ ﻗﺎﻝ: ﻭﻣﺎ ﺍﻟﺼﺪﺍﻉ؟ ﻗﺎﻝ: ﺭﻳﺢ ﺗﻌﺘﺮﺽ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﺃﺱ، ﺗﻀﺮﺏ ﺍﻟﻌﺮﻭﻕ ﻗﺎﻝ: ﻻ. ﻗﺎﻝ: ﻓﻠﻤﺎ ﻗﺎﻡ ﻗﺎﻝ: ﻣﻦ ﺳﺮﻩ ﺃﻥ ﻳﻨﻈﺮ ﺇﻟﻰ ﺭﺟﻞ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﺃﻱ ﻓﻠﻴﻨﻈﺮ. ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻓﻲ (ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﻤﻔﺮﺩ)، ﺭﻗﻤﻪ ﻓﻲ (ﺻﺤﻴﺢ ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﻤﻔﺮﺩ 381)، ﻭﺻﺤﺤﻪ ﺍﻷﻟﺒﺎﻧﻲ ، ﻭﻗﺎﻝ ﻓﺆﺍﺩ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﺒﺎﻗﻲ : ﻟﻴﺲ ﻓﻲ ﺷﻲﺀ ﻣﻦ ﺍﻟﻜﺘﺐ ﺍﻟﺴﺘﺔ. ﻫﻞ ﻧﺄﺧﺬ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺃﻥ ﻣﻦ ﻟﻢ ﺗﺼﺒﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﻣﺮﺍﺽ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻨﺎﺭ؟ ﻭﺿﺤﻮﺍ ﻟﻨﺎ ﺑﺎﺭﻙ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻴﻜﻢ.
اﻟﺠــﻮﺍﺏ
ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺭﻭﺍﻩ ﻏﻴﺮ ﺍﻟﺒﺨﺎﺭﻱ ﻓﻲ (ﺍﻷﺩﺏ ﺍﻟﻤﻔﺮﺩ)، ﺍﻹﻣﺎﻡ ﺃﺣﻤﺪ ﻓﻲ (ﺍﻟﻤﺴﻨﺪ 2/332 ﻭ366)، ﻭﺍﻟﻨﺴﺎﺋﻲ ﻓﻲ (ﺍﻟﺴﻨﻦ ﺍﻟﻜﺒﺮﻯ 4/353 ﺑﺮﻗﻢ (7491)،
ﻗﺎﻝ ﺷﻴﺦ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺍﺑﻦ ﺗﻴﻤﻴﺔ ﻣﺒﻴﻨًﺎ ﺍﻷﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﺪﻓﻊ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻌﻘﻮﺑﺔ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ: (ﻭﺍﻟﻤﺆﻣﻦ ﺇﺫﺍ ﻓﻌﻞ ﺳﻴﺌﺔ ﻓﺈﻥ ﻋﻘﻮﺑﺘﻬﺎ ﺗﻨﺪﻓﻊ ﻋﻨﻪ ﺑﻌﺸﺮﺓ ﺃﺳﺒﺎﺏ: ﺃﻥ ﻳﺘﻮﺏ ﻓﻴﺘﻮﺏ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺘﺎﺋﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﻧﺐ ﻛﻤﻦ ﻻ ﺫﻧﺐ ﻟﻪ، ﺃﻭ ﻳﺴﺘﻐﻔﺮ ﻓﻴﻐﻔﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻪ، ﺃﻭ ﻳﻌﻤﻞ ﺣﺴﻨﺎﺕ ﺗﻤﺤﻮﻫﺎ، ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺤﺴﻨﺎﺕ ﻳﺬﻫﺒﻦ ﺍﻟﺴﻴﺌﺎﺕ، ﺃﻭ ﻳﺪﻋﻮ ﻟﻪ ﺇﺧﻮﺍﻧﻪ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻮﻥ ﻭﻳﺴﺘﻐﻔﺮﻭﻥ ﻟﻪ ﺣﻴًّﺎ ﻭﻣﻴﺘًﺎ، ﺃﻭ ﻳﻬﺪﻭﻥ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺛﻮﺍﺏ ﺃﻋﻤﺎﻟﻬﻢ ﻣﺎ ﻳﺸﻔﻊ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻪ، ﺃﻭ ﻳﺸﻔﻊ ﻓﻴﻪ ﻧﺒﻴﻪ ﻣﺤﻤﺪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﺃﻭ ﻳﺒﺘﻠﻴﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺑﻤﺼﺎﺋﺐ ﺗﻜﻔﺮ ﻋﻨﻪ، ﺃﻭ ﻳﺒﺘﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﺮﺯﺥ ﺑﺎﻟﺼﻌﻘﺔ ﻓﻴﻜﻔﺮ ﺑﻬﺎ ﻋﻨﻪ، ﺃﻭ ﻳﺒﺘﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﻋﺮﺻﺎﺕ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻣﻦ ﺃﻫﻮﺍﻟﻬﺎ ﺑﻤﺎ ﻳﻜﻔﺮ ﻋﻨﻪ، ﺃﻭ ﻳﺮﺣﻤﻪ ﺃﺭﺣﻢ ﺍﻟﺮﺍﺣﻤﻴﻦ. ﻓﻤﻦ ﺃﺧﻄﺄﺗﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻌﺸﺮ ﻓﻼ ﻳﻠﻮﻣﻦ ﺇﻻ ﻧﻔﺴﻪ) (ﻣﺠﻤﻮﻉ ﺍﻟﻔﺘﺎﻭﻯ 10/45).
ﻭﻗﺎﻝ ﺍﻟﺤﺎﻓﻆ ﺍﺑﻦ ﺭﺟﺐ ﻓﻲ ﺃﺛﻨﺎﺀ ﺷﺮﺣﻪ ﻟﺤﺪﻳﺚ: ﺍﻟﺤﻤﻰ ﻛﻴﺮ ﻣﻦ ﺟﻬﻨﻢ، ﻓﻤﺎ ﺃﺻﺎﺏ ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ ﻣﻨﻬﺎ ﻛﺎﻥ ﺣﻈﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻣﺎ ﻧﺼﻪ: (ﻓﺈﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺤﻤﻰ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻓﻔﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺣﺎﺩﻳﺚ ﺍﻟﺴﺎﺑﻘﺔ ﺃﻧﻬﺎ ﺣﻆ ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ ﻣﻦ ﻧﺎﺭ ﺟﻬﻨﻢ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ،
ﻭﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﻭﺍﻟﻠﻪ ﺃﻋﻠﻢ ﺑﻤﺮﺍﺩﻩ: ﺃﻥ ﺍﻟﺤﻤﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﺗﻜﻔﺮ ﺫﻧﻮﺏ ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ ﻭﻳﻄﻬﺮ ﺑﻬﺎ ﺣﺘﻰ ﻳﻠﻘﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﻐﻴﺮ ﺫﻧﺐ، ﻓﻴﻠﻘﺎﻩ ﻃﺎﻫﺮًﺍ ﻣﻄﻬﺮًﺍ ﻣﻦ ﺍﻟﺨﺒﺚ، ﻓﻴﺼﻠﺢ ﻟﻤﺠﺎﻭﺭﺗﻪ ﻓﻲ ﺩﺍﺭ ﻛﺮﺍﻣﺘﻪ ﺩﺍﺭ ﺍﻟﺴﻼﻡ، ﻭﻻ ﻳﺤﺘﺎﺝ ﺇﻟﻰ ﺗﻄﻬﻴﺮ، ﻭﻫﺬﺍ ﻓﻲ ﺣﻖ ﺍﻟﻤﺆﻣﻦ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﻘﻖ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻭﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻪ ﺫﻧﻮﺏ ﺇﻻ ﻣﺎ ﺗﻜﻔﺮﻩ ﺍﻟﺤﻤﻰ ﻭﺗﻄﻬﺮﻩ، ﻭﻗﺪ ﺗﻮﺍﺗﺮﺕ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ ﻋﻦ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﺑﺘﻜﻔﻴﺮ ﺍﻟﺬﻧﻮﺏ ﺑﺎﻷﺳﻘﺎﻡ ﻭﺍﻷﻭﺻﺎﺏ ﻭﻫﻲ ﻛﺜﻴﺮﺓ ﺟﺪًّﺍ ﻳﻄﻮﻝ ﺫﻛﺮﻫﺎ - ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻗﺎﻝ -: ﻭﻗﺪ ﺟﻌﻞ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻣﻦ ﻻ ﺗﺼﻴﺒﻪ ﺍﻟﺤﻤﻰ ﻭﺍﻟﺼﺪﺍﻉ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻨﺎﺭ، ﻓﺠﻌﻞ ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﻋﻼﻣﺎﺕ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻨﺎﺭ، ﻭﻋﻜﺴﻪ ﻣﻦ ﻋﻼﻣﺎﺕ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻴﻦ، ﻓﻔﻲ ﺍﻟﻤﺴﻨﺪ ﻭﺍﻟﻨﺴﺎﺋﻲ ﻋﻦ ﺃﺑﻲ ﻫﺮﻳﺮﺓ ﺃﻥ ﺍﻟﻨﺒﻲ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻗﺎﻝ ﻷﻋﺮﺍﺑﻲ: ﻫﻞ ﺃﺧﺬﺗﻚ ﺃﻡ ﻣﻠﺪﻡ؟ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ، ﻭﺑﻤﺎ ﺗﻘﺪﻡ ﻳﺰﻭﻝ ﺍﻹﺷﻜﺎﻝ ﺍﻟﻤﻔﻬﻮﻡ ﻣﻦ ﻇﺎﻫﺮ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ، ﻭﻳﻜﻮﻥ ﺍﻟﺤﻜﻢ ﺑﺪﺧﻮﻝ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻟﻜﻮﻧﻪ ﻳﻘﺘﺮﻑ ﺍﻟﺬﻧﻮﺏ ﻣﺎ ﻳﺴﺘﻮﺟﺐ ﺑﻬﺎ ﺍﻟﻨﺎﺭ ﻭﻻ ﺗﻜﻔﺮ ﻋﻨﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ، ﻭﺫﻟﻚ ﺑﺈﻃﻼﻉ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻟﻨﺒﻴﻪ ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻐﻴﺐ. ﻭﺍﻟﻠﻪ ﺃﻋﻠﻢ.
ﻭﺑﺎﻟﻠﻪ ﺍﻟﺘﻮﻓﻴﻖ، ﻭﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﻧﺒﻴﻨﺎ ﻣﺤﻤﺪ ﻭﺁﻟﻪ ﻭﺻﺤﺒﻪ ﻭﺳﻠﻢ.
ﺍﻟﻠﺠﻨﺔ ﺍﻟﺪﺍﺋﻤﺔ ﻟﻠﺒﺤﻮﺙ ﺍﻟﻌﻠﻤﻴﺔ ﻭﺍﻹﻓﺘﺎﺀ